الجمعة، 21 أغسطس 2009

وطن على شماعة


كانت مصر دائما مطمعا للإحتلال الأجنبى عبر التاريخ بأشكاله المختلفة ، وكان السبب الرئيسى فى ذلك كما قالوا لنا كثيرا فى دروس التاريخ بالمدارس وفى وسائل الإعلام هو موقع مصر الجغرافى المتميز وخيراتها الطبيعية المتوفرة مما جعلها مطمعا من الكثيرين ، حتى كدنا نلعن هذا الموقع المتميز وهذه الخيرات الطبيعية التى وهبتها الطبيعة لنا ، لانها كانت السبب الرئيسى في ما إبتلانا من إحتلال وغزو وما خلفه ذلك من تخلف وقهر ما زلنا نعانى منه للآن .

لكن السؤال الذى يدور بذهنى هو ماذا لو لم نكن نملك هذه الميزات ، ما الذي سيكون عليه حالنا اليوم ، هل من المفترض أن نكون مثلا فى مصاف الدول الكبرى المتقدمة التى لم تعانى من ويلات الاحتلال .


سؤالى بصورة أخرى
ماذا لو لم نكن نملك موقعا فريدا يجعلنا فى مركز العالم ، ماذا لو لم نمتلك قناة السويس ، ولم يكن لدينا نهرا مثل نهر النيل يؤمن لنا إحتياجاتنا من المياه العذبة ، ولم تكن لدينا أرض خصبة صالحة للزراعة بطول الوادى ، ولم يكن لدينا الثروات الطبيعية مثل البترول والغاز الطبيعى والكثير من المعادن ، ولم نكن نملك مناخا مناسبا للزراعة والسياحة والعمل على مدار العام .
ماذا لو لم نكن نملك مثل هذه الثروة البشرية الكبيرة التى هى أساس أى ثورة صناعية كبرى .

لا أعتقد أن حالنا سيكون أفضل لو لم نكن نملك هذه الميزات التى حابانا الله بها .
الحقيقة أن وجود هذا الكم الهائل من الخيرات والميزات فى بلد ما هو أساس نهوض وتقدم هذا البلد ، فكم من البلدان تملك ميزات أقل كثيرا مما نملك وأجادت إستخدام هذه الميزات وتقدمت بسببها إلى مصاف الدول الكبرى ، ولم تكن أبدا هذه الميزات سببا فى تأخر بلد ما .

فبدلا أن تصبح مواردنا الطبيعية هى سبب تقدمنا ، يحاولون إقناعنا انها سبب تخلفنا .
بدلا من إستغلال ميزة توفر الأيدى العاملة ( هذه الأيادى الماهرة والعقول النابهة التى للأسف أضطر الكثير منها لمغادرة بلده ليساهم فى تقدم بلدان كثيرة حولنا أستفادت من خبراته ) ، نجدهم يحاولون دفن هذه الطاقات وإقناعنا أن هذه الثروة البشرية والتعداد السكانى الكبير هو سبب جوعنا وفقرنا ، وكأننا أكثر تعدادا من الصين أو اليابان أو الهند أو غيرهم من الدول التى أستفادت من توفر الثروة البشرية الهائلة وقامت بإعدادهم جيدا عن طريق التعليم والتدريب ليكونوا هم وقود ثوراتهم الصناعية والاقتصادية ، والطريف أن الكثير من هذه الدول عانت من الحروب والاحتلال مثلنا .

ما لا نريد أن نواجه به أنفسنا هو أننا لم نستغل هذه الموارد والطاقات والميزات الطبيعية والجغرافية كما يجب ، بل إستخدمناها كشماعة نعلق عليها تخلفنا وتأخرنا عن ركب الأمم المتحضرة .
وهذا كعادتنا دائما بالتنصل من أخطائنا وإلقاء سبب تخلفنا على أشياء أخرى مثل الإحتلال أو الغزو الثقافى ، أو على المؤامرات الغربية ضدنا ، كأن العالم كله ليس لديه شاغل سوى محاربتنا لمنع تقدمنا المهول والمرعب الذى يمثل خطر عليهم ، لو أراد الغرب أن يتآمر لوقف تقدم أحد لإتجهوا لدول النمور الاقتصادية الأسيوية مثلا وليس نحن ، فالنعامة لا تمثل خطر حقيقى على الاسود أوالنمور .


إن الأمر يتطلب منا وقفة صراحة مع الذات لمعرفة أخطائنا وما قصرت فيه أيدينا ، وليس مزيدا من التهرب وإلقاء التهم على الغير ، فنحن الجناة على أنفسنا وليس غيرنا ، وكفى مزيدا من الشماعات لتعليق أخطاء مجتمع بأكمله عليها .


هناك 4 تعليقات:

  1. تخيل لما توصل لمرحلة انك تكره مزاياك

    من كتر الالحاح على انها سبب طمع اللى رايح و اللى جاى فيك

    ردحذف
  2. عزيزى ابهاب

    اعجبنى كل ما كتبت..واضح جدا اننا امام صاحب رؤيه ثاقبه وصائبه للاحداث ....مزيد من التقدم والى الامام دائما.

    اخيك
    T.Nassar

    ردحذف
  3. الاخ الكريم
    وضعت يدك علي افة مجتمعاتنا العربية
    الكل ينظر الي العالم حوله من خلال زجاج شفاف
    وليس من خلال مرآة
    فالزجاج دوما يعكس لنا صور الاخرين
    فلا نري عيوبنا الا فيهم
    وننسي انفسناوننشغل بالغير
    فينتج عن ذلك مجتمع ضعيف
    نتخاذل
    ناقد بالقول لا الفعل
    لم نملك الي الان الصدق والشجاعة لان نعلم ان اي فساد في محيطنا،جذوره نابعة من انفسنا نحن
    ان اردنا لبلادنا نهضة
    فالطريق يبدأ من داخل انفسنانحن
    لا الغير

    ردحذف
  4. االلي عايز يغير لازم يكون عندو شجاعة واقدام واستعداد للتضحية وطالما كل واحد فينا شايف وساكت ويلا نفسي حنغرق كلنا.

    ردحذف