الأحد، 27 ديسمبر 2009

إشكالية ظهور العذراء



أعلم مسبقا حساسية التكلم فى موضوع ظهور السيدة العذراء مريم فوق قباب كنيستها بالوراق لأنه يمس عقائد وقناعات فكرية لملايين البشر سواء مؤيدين أو منكرين لهذا التجلى .
ولكن ما أريد مناقشته هو بعض الأراء المتعلقة بالموضوع ومنها تبنى الكثيرون ( ومعظمهم من النخبة المثقفة ) لمبدأ عدم إمكانية حدوث مثل هذه الظاهرة الخارقة ، وإتهام المؤمنين بها بالجهل والتصديق بالخرافات والدجل ، لأنها ببساطة تتنافى مع أبسط قواعد التفكير العقلانى والمنطقى .

وأود أن أتوجه بسؤالى لهؤلاء ..
هل عقلكم الذى يترفع عن قبول مثل هذه الظاهرة الغير عقلانية يصدق ويستسيغ بسهولة أن رجلا قد شق البحر بعصاه ، أو أن أحدا كان يبرأ الأعمى ويقيم الموتى بكلمة ، أو أن أخر عرج للسماء من عدة قرون .
إن كنتم تؤمنون بأن هذه المعجزات قد حدثت بالفعل وجميعها ظواهر لا يقبلها العقل المجرد ، فلماذا إذا لا يستسيغ عقلكم الآن مثل هذه المعجزة ؟

انه الإيمان ذلك العامل المشترك بين جميع من يؤمنون بوجود إله يدير هذا الكون ، ووجود حياة أخرى روحية فوق الحياة المادية التى نعيشها ، وهو ما يدفعنا لتصديق هذه المعجزات ، ويدفع الكثيرون الآن للتصديق بظهور العذراء
حتى وإن نادي البعض أن عصر المعجزات قد انتهى فإن هذا لا ينفى فكرة إمكانية حدوث مثل هذه المعجزة من جذورها ، كما أن هناك فريقا آخر يؤمن بأن السماء ما زالت تتعامل مع البشر وتعزيهم ( يعنى صاحب الدكانة ما قفلهاش و روّح )
حقيقة أرى ثمة إذواجية فى تفكير البعض حين يرفض عقليا ظهور العذراء فى حين يؤمن تماما بأن معجزات مثل هذه وأكثر قد حدثت بالفعل فى عصور سابقة .

حسنا فعل الملحدون فقد فلتوا من هذه الإزدواجية وأعلنوها صريحة انهم يرفضون الإيمان بجميع الظواهر الميتافيزيقية ، فلا هم يؤمنون بأن العذراء تظهر الآن ، ولا أن هناك أنبياء حدثت على أيديهم معجزات وخوارق فى عصور سابقة ، فهم يؤمنون بالعلم وآلياته فقط .
وأول قواعد البحث العلمى لتفسير ظاهرة ما هو جمع الدلائل والقرائن المرتبطة بهذه الظاهرة ، والإستماع لشهود العيان على إختلاف توجهاتهم ، ثم وضع جميع الأسباب المحتملة لهذه الظاهرة مع محاولة تفنيد كل سبب على حده للوصول للسبب الحقيقى .
فهل أتبع من يؤمنون بالعلم فقط هذه الخطوات قبل أن يدلوا بالتفسيرات المختلفة لظاهرة ظهور العذراء بالوراق
فهل مثلا كونوا لجان بحث علمية لجمع القرائن المختلفة وإستقصاء أقوال آلاف شهود العيان مسلمين وأقباط الذين شاهدوا هذه الظاهرة ، ثم أعطونا وأعطوا أنفسهم إجابات منطقية ومقبولة لجميع الأسئلة المطروحة

- فهل هى مثلا هلاوس جماعية تحدث تحت تأثير الإيحاء النفسى ، وهل يمكن لهذه الهلاوس أن ترصدها كاميرات الفيديو ؟
- وهل هى مجرد خدعة بصرية ، وأى نوع من الأجهزة التكنولوجية يتطلبه عمل مثل هذه الخدع بالكيفية التى رأيناها جميعا فى لقطات الفيديو ، وهل تتوفر هذه المعدات بمصر ، وهل لم تلحظها الجماهير أو قوات الأمن المحيطة بالحدث ؟
- وما هى التكنولوجيا المستخدمة فى ظهور العذراء بكنيسة الزيتون عام 1968 وشهده الآلاف أيضا ؟
- وما هى التكنولوجيا المستخدمة فى ظهور مماثل للعذراء حدث بمدينة لورد بجنوب فرنسا عام 1858 ، وأخر بمدينة فاتيما بالبرتغال عام 1917 وهو حدث مثبت تاريخيا وعدد شهود العيان له عشرات الآلاف ؟
- أم هى مجرد ظاهرة طبيعية يحدث فيها تفريغ كهربى لحظى للأماكن المرتفعة ذات الأسطح المدببة ، وهل ينطبق هذا التفسير مع ظهور الوراق الذى أستمر لساعات لطيف نورانى يتشكل ويتحرك فى أماكن مختلفة ولعدة أيام فوق قبة كنيسة منخفضة الإرتفاع مقارنة بالأبراج والصوارى المنتشرة بالقاهرة ؟

لم يعطنا أحدا إجابات شافية ومريحة للتساؤلات السابقة وغيرها ، ولكن عجبا نجد الكثيرون يملون قناعتهم وآرائهم الشخصية حول الموضوع وكأنها هى الحقيقة المطلقة دون وجود أساس علمى يقين لهذا الرأى .
ليس العيب أن يتم الإعتراف بعد الدراسة العلمية المستفيضة بأننا أمام ظاهرة لا نجد لها تفسير علمى فى الوقت الحالى .
ولكن العيب هو أن نضع أبسط أدوات التحليل العلمى والمنطقى تحت أقدامنا لنصل لتفسيرات تمليها علينا أهوائنا مسبقا ، ثم نعلن اننا نفعل ذلك دفاعا عن العلم والعقل .

وكأن بعض المثقفون والعالمنيون والملحدون وهم فى طريقهم لإثبات ارائهم فاقوا الأصوليين الدينيين أنفسهم فى التشبث بالرأى دون تمحيص ... ويا للمفارقة !!
وكأنه قد كتب علينا جميعا على إختلاف توجهاتنا أن نظل أسرى مورثاتنا العقائدية والفكرية نتركها تحدد لنا ردود أفعالنا ، حتى وإن كان على حساب ما ننادى به من مبادئ .
* * نشر لى هذا المقال على موقع الأقباط متحدون

هناك 7 تعليقات:

  1. صح
    احنا فعلا مفتقدين لمبدأ التحقق

    واتمنى تكوين لجنة من شخصيات ذات خلفيات مختلفة لحسم الموضوع
    ...
    لان توجيه تهمة انها خدعة مسألة مش سهلة
    خصوصا بعد تأييد البابا للظهور

    محتاجين نعرف بشكل واضح

    لو هى خدعة البابا هيشارك فيها؟؟

    وهل الاقباط اذكى من الدولة لدرجة انهم
    يخدعوا الجميع

    ومين ممكن يغامر مغامرة بالخطورة دى

    ولو هى تجلى فعلا
    ليه مختلفين عليه كده
    كان يجب انه يكون بشكل حاسم لا خلاف عليه

    انما اللى حاصل فعلا نقدر نسميه بلبلة

    ردحذف
  2. هو ده الكلام السليم ، حقيقي قلت كل اللي كنت عايز أقوله بطريقة و بأسلوب أفضل كثيراً مني

    ردحذف
  3. ظهور العذراء في دولة ما من الدول يعتبر بركة كبيرة لهذه الدولة وشعبها، ويجذب أنظار العالم كله لهذه الدولة للمكانة الكبيرة التي تتمتع بها العذراء في قلوب الناس في شتي بقاع المسكونة، وكنت أتمني أن تقوم مصر باستثمار هذا الحدث والإعلان عنه للعالم كله لجذب أكبر عدد من السياح لزيارة مصر، وخصوصا أن تجليات العذراء تتناسب هذه المرة مع احتفالات العالم بأعياد الميلاد وهو المعروف بموسم الأجازات في العالم الغربي. ولكن بدل أن تقوم مصر باستثمار هذا الحدث العظيم، قامت معظم" وللأمانة ليس كل" أجهزة الإعلام المصري، بحملة مضادة لظاهرة التجلي في محاولة لتكذيب التجلي والتشكيك في حدوثه، ولا ندري لمصلحة من القيام بهذه الحملة من المتعصبين الذين أعماهم تعصبهم المتطرف وأعمي قلوبهم عن حقيقة شهدها الآلاف بأعينهم وصوروها بكاميراتهم ونقلوها للعالم كله عن طريق شبكة الإنترنت. وتبعا لإحصائيات وزارة السياحة المصرية زار مصر في العام المنقضي أحدي عشر مليون ونصف المليون سائح طوال العام، بينما يزور قرية كرانيديل بأسبانيا خمسة مليون سائح سنويا، يقومون بزيارة الجبل الذي تجلت فيه السيدة العذراء فقط لاغير، إي يزور القرية الصغيرة حوالي نصف عدد السائحين الذين يزورون مصر كلها في العام، ومن هذه المقارنة البسيطة تظهر الخسارة المادية الكبيرة التي خسرتها مصر من عدم استثمارها للحدث العظيم. ولكن من هو المستفيد من وراء هذه الحملة؟؟
    """منقول"""
    http://www.elaph.com/Web/opinion/2009/12/517274.htm

    ردحذف
  4. كتب القس ابراهيم عبد السيد كاهن كنيسة مارجرجس بحدائق المعادى منذ عدة سنوات مقالا فى جريدة الاخبار
    قبل ان يتنيح بعدة سنوات بعنوان "كونوا اقباطا لا اعباطا" وذكر فى مقاله عدة ظهورات للعذراء مريم وقد
    ذكر قائلا فى 20فبراير 1958 ادعى احد الشبابفى جزيرة
    بدران بشبرا ان العذراء تظهر بمنزله فتوافد الجماهير
    من كل مكان لاكثر من اسبوعين متتاليين وتناثرت القصص والخرافات بعمل المعجزات وقامت بنشرها جريده مسيحيه
    اسمها مصر كان القس ابراهيم عبد السيد وقتها سكرتير
    تحريرها وبعد ايام قليله ثبت كذب هذه الاشاعه حيث كان له ثلاث بنات فاتهن قطار الزواج فاخترع هذه القصه لزواجهن..وفى 2 ابريل 1968 بكنيسة العذراء
    بالزيتون واعتبر الظهور مسانده للمصريين لمساندة المصريين بعد النكسه وتلاه ظهور بكنيسة الملاك ميخائييل
    بعياد بك بشبرا ...
    وانى اتسآئل ان كانت العذراء تظهر هكذا وتستمر بالساعات لماذا لا تتحدث للجماهيروتعلن عن هدف ظهورها
    وهى بريئه من كل هذه المهازل ..وقد حزرنا السيد المسيح من تلك الخرافات متى اصحاح 24 العدد 23..24"
    "حينئذ ان قال لكم احد هو ذا المسيح هنا او هناك فلا
    تصدقوا لانه سيقوم مسحاء كذبه وانبياء كذبه ويعطون آيات عظيمه وعجائب حتى يضلوا"
    اننى اكرر ما قاله القس ابراهيم عبد السيد :يا اقباط مصر البسطاء لاتصدقوا هؤلاء وكونوا اقباطا
    تعرفون الحق والحق يحرركم

    القس جرجس خوض
    راعى الكنيسه المعمدانيه -مدينة النور

    ردحذف
  5. القس جرجس عوض
    راعى الكنيسه المعمدانيه -مدينة النور

    ردحذف
  6. شمعى أسعد
    ----------
    يا ريت فعلا يكون فى لجنة تقصى حقائق محايدة تتكون من رجال العلم قبل رجال الدين .
    المؤمنين بالظهور مش خايفين من اللجان دى بالعكس بيطالبوا بيها


    على باب الله
    ---------------
    أشكرك يا عزيزى ... ده شرف لى انى أكون مشترك معاك فى الكتير من الافكار


    غير معروف
    ---------------
    أشكرك على الاضافة والافادة


    سهيل ولى الدين علام
    ---------------------
    انا لا أدعو الاقباط لتصديق كل ما يقال لهم ، ولكنى أدعو لتشكيل لجان بحث علمية وإتباع أدوات التحليل العلمى للوصول لتفسير للظاهرة وإيجاد إجابات للأسئلة المتعلقة بالموضوع للتأكد من كونه ظهور فعلى أم مجرد خدعة
    ولكن إن لم يستطع أحد إيجاد التفسير العلمى لهذه الظاهرة ، فليصمت أفضل من اتهام غيره بالعبط .

    ردحذف